إعلانات

اللغة الفرنسية والتراجع الملاحظ داخل مناطق نفوذها

أحد, 15/10/2023 - 01:54

 

 

من يراهن وطنيا على ضرورة الخروج على الدستور عبر التخلي عن اللغة العربية و اعتماد الفرنسية لغة ابتكارات،
فإن الرئيس الفرنسي ماكرون نفسه قد أثار على مستوي قمة المنظمة الدولية الفرانكفونية المنعقدة أواخر العام الماضي في تونس تحت شعار : التواصل في إطار التنوع و التكنولوجيا الرقمية كرافد للتنمية و التضامن في الفضاء الفرانكفوني،
مسألة التراجع الملاحظ للغة الفرنسية لصالح اللغة الأم العربية في بلدان المغرب العربي خلال العقود الأخيرة مما جعلها في المرتبة الخامسة من بين اللغات الأكثر انتشارا و استخداما على شبكة الإنترنت عالميا، مطالبا بإعداد مشروع لاستعادة مكانة اللغة الفرنسية في مناطقها المعهودة سابقا و تعزيز حضورها على مستوى شبكة الإنترنت وفي المنظمات والمحافل الدولية من خلال الارتهان للتعليم و الثقافة والرياضة كعامل وحدة ورفع شأن للارتقاء بالفرانكفونية و قد أبدى تفهمه دون أن يعرج على طبيعة الأسباب أو الدوافع الموضوعية، و كأنه نسي او تناسى، عن قصد او غير قصد، تراجع الدور المحوري الفرنسي هو الآخر من مناطق نفوذه الواسعة و التاريخية في افريقيا.
حيث أن هذا التراجع في اللغة لم يعد يشكل مخاوف تذكر بل أضحى واقعا قائما تعود تداعياته في المنطقة المغاربية الى سعي حكومات هذه الدول إلى تعريب مناهج تعليمها و التعدد اللغوي و كسر ازدواجية اللغة التي كان معمولا بها في السابق.
بالإضافة إلى أن لغة الأبحاث العلمية والاقتصادية على مستوى الجامعات باتت انجليزية صرفة أمام إكراهات العولمة والمرحلة.
بينما ساهم الوعي المتزايد لدى شعوب المنطقة في التحرر من قيود الماضي و التبعية العمياء في ظل رفض فرنسا المتكرر للاعتذار عن حقبة ماضيها الاستعماري المشين و التعويض عن الأضرار  و الخسائر و تصحيح الأوضاع الحقوقية و الإنسانية.
فالحضور الفرنسي في المجال الإفريقي الفرانكفوني ظل عسكريا أكثر منه اقتصاديا وثقافيا ضمن مسار تحولي فرضه الوضع الدولي حينها تحت ظروف مسميات الحرب على الإرهاب أو بأسماء متغيرة و مستعارة.، قبل أن تتغير المعادلة وتجد فرنسا نفسها كشخص غير مرغوب فيه  persona non grata  داخل مناطق نفوذها التاريخية بغرب إفريقيا في ظل تنامي ظاهرة الانقلابات العسكرية و اتساع و تصاعد الأصوات الشعبية الواسعة الرافضة للوجود الفرنسي و طرد الحكومات الانقلابية المغاضبة لقوات المستعمر من داخل أراضيها.
كما أن تراجع اللغة هو انعكاس لتراجع مكانة ودور فرنسا وتأثيرها على الدول المغاربية، و استمرار تباين العلاقات بين فرنسا من جهة و دول شمال إفريقيا و الساحل من جهة أخري.
في حين شكلت الازدواجية الفرنسية في التعامل مع حكومات وشعوب المنطقة المغاربية مظهرا من مظاهر هذا التراجع من خلال وضع العراقيل و الصعوبات أمام مواطنيها عبر إجراءات وقرارات خدمت الاستهلاك السياسي الداخلي الفرنسي أكثر من العلاقة الثنائية و التاريخية بين حكومات و شعوب المنطقة و فرنسا.
لقد أصبح النفوذ الفرنسي داخل مستعمراته الإفريقية يواجه تحديا كبيرا نتيجة أزمة ثقة تراكمية جعلت شعوب المنطقة تكره الوجود الفرنسي على أراضيها و ترغب في القطيعة وترفض كل أشكال التبعية و قبول الوصية على غرار ما حصل في مالي وبوركينافاسو و النيجر وصولا إلى دولة الغابون البلد الغني ذو الإرتباط القوي بفرنسا و تداعيات ما جرى على أمن واستقرار منطقة الساحل الإفريقي.
تأسيسا لما سبق يلاحظ جليا أن أغلب الدول الناطقة بالفرنسية والمستعمرة سابقا تصنف اليوم من أكثر دول القارة الإفريقية فقرا وأقلها استقرارا حيث مازال أكثرها يخضع لأنظمة سلطوية أو تتعاقب فيه الإنقلابات العسكرية مقارنة بالدول الناطقة بالإنجليزية الأكثر إستقرارا والأنجع إقتصادا.
واقع ألقى بظلاله على العلاقات الجيوسياسية و المزيد من التوتر في المواقف الدولية من دول المنطقة اتجاه فرنسا.
لتبنيها سياسات واستراتجيات خاطئة اتجاه حكومات وشعوب المنطقة في الاتجاهين المغاربي والإفريقي مما أفقدها دورها الريادي والتاريخي في المنطقة وقلص من نفوذها لصالح قوى إقتصادية و عسكرية صاعدة 
كروسيا والصين وتركيا ... والتي بدأت لغاتها هي الأخرى تتوسع وتشغل اهتمام الرأي العام في القارة الإفريقية.
إضافة إلى تغلغل و انتشار قوات فاغنر الروسية ميدانيا
داخل الأراضي المالية و التلويح بإنشاء قوة ساحل مشتركة بين كل من الثلاثي المغاضب مالي و بوركينافاسو و النيجر ذات توجه روسي، على نقيض قوة دول الساحل الخمس التي كانت قائمة في السابق بدعم و توجه فرنسي.
فهل بدأ النفوذ الفرنسي في افريقيا في الأفول قبل السقوط الحر ؟ أم أن ميزان القوى داخل إفريقيا في طريقه إلى التغير ؟
حفظ الله افريقيا من كل سوء.
اباي ولد اوداعة.