إعلانات

التعليم ووهم التمهين / د. عبد الله السيد

أربعاء, 21/08/2019 - 18:23

د. عبد الله السيد (*)

 

منذ عقود من الزمن توجه التعليم في البلدان الصناعية إلى التمهين؛ فبات لكبار المصانع، وأمبراطريات تقنيات الإعلام حضورها اللافت في البرامج، ومساهمتها المتميزة في تمويل التعليم وتوجيهه؛ وذلك من مبررات أبرزها:
- بحثها عن اليد العاملة القادرة على النهوض بمشاريعها.
- إدراكها أن رهان المنافسة، بالنسبة للدول والشركات، يكمن في امتلاك رأس المال البشري المؤهل؛ لتوفر جوانب رأس المال الأخرى، وللواقع الديغرافي لكثير من تلك البلدان.
وقد حاول كثير من دول العالم الثالث في السنوات الأخيرة استنساخ تمهين التعليم، دون إدراك فوارق الواقعين، وحاجات التنمية في كل منهما؛ فافتتحت شعب كثيرة في: التغذية، والتعدين، والمعلوماتية، والميكانيكا، والسياحة وغيرها إلا أن خريجها لم يجدوا التكوين اللازم لانعدام خبرات تكونهم، وبنيات اقتصادية تدربهم... والأدهى والأمر أنهم حين تخرجوا لم يجدوا أمامهم سوقا للعمل؛ فاستقبلتهم آفة البطالة بأوهامها، ومن أتيح له منهم العمل وجده في بنيات إدارية وخدمية وثقافية لا علاقة لها بتكوينه الهش؛ فكانت نتيجة ذلك كله:
- الإسهام في انتشار البطالة وما ينجر عنها من جنوح بعض الشباب إلى الجرائم.
- فساد التعليم وانهيار مستوياته.
- القضاء على البنيات الخدمية والإدارية في تلك الدول؛ نظرا لوضع الإنسان غير المناسب في المكان غير المناسب.
- الإسهام في ظاهرة هجرة الشباب والطاقات الحية.
لذلك ينبغي أثناء التفكير في تمهين التعليم أن ننظر في إمكانية استيعاب بنياتنا الصناعية للمهن التي نكون عليها. وبتعبير آخر يجب البحث عن البنيات الخدمية والصناعية التي تريد التمهين، وإشراكها في وضع إستراتيجات التمهين، وربطها بالشعب تكوينا وتدريبا وتوظيفا... وإلا سنبقى، في أحسن الأحوال، ننفق وقتا ومالا على تكوين لانستفيد منه كثيرا. وقد تكون استفادة البلدان الصناعية منه أكثر عن طريق فتحها باب الهجرة والتكوين لحملة شهادات بعينها؛ تعيد تدريبهم في فترات وجيزة، وتدخلهم عجلة تنميتها.

 

(*) مثقف وأكاديمي موريتاني كبير ومدير بيت الشعر في نواكشوط