الأخبار (نواكشوط) – حصلت وكالة الأخبار المستقلة على وثيقة ألزمت شركة "آفروبورت" المسيرة لمطار نواكشوط الدولي أم التونسي بموجبها عمالها بالتوقيع عليها، حيث ألزمتهم بموجب هذا التوقيع بالصمت التام تحت طائلة العقوبات، وذلك عقب تحقيق إعلامي كشف اختلالات بالجملة لهذه الشركة، بدءا باهتزاز الأساس القانوني لعملها في ظل عدم وجود اتفاقية أو عقد مع السلطات الموريتانية، وكذا طريقة معاملتها لعمالها، وفصلها التعسفي للعديد منهم.

وجاءت الوثيقة عقب تحقيق صحفي نشرته مؤسسة "مدار" الإعلامية اعتمادا على وثائق ومعطيات حصلت عليها، وأثبتت أن الشركة تعمل في موريتانيا، وتتولى تسيير أهم مطاراتها دون وجود أيّ اتفاقية بين الطرفين.

وأكدت المؤسسة أن الطرفين عقدا مذكرة تفاهم وهي وثيقة غير ملزمة لأي من الطرفين، وذلك تمهيدا لتوقيع الاتفاقية لمدة 5 سنوات قابلة للتمديد إلى ربع قرن، غير أن هذا الاتفاقية لم يتم توقيعها.

وأشار التحقيق إلى الذكر الوحيد للشركة الإماراتية في الوثائق الرسمية الموريتانية جاء في العدد: 1451 من الجريدة الرسمية، والصادر بتاريخ: 15 ديسمبر 2019، ونشر فيه مقرر يقضي بمنح قطعة أرض للشركة مساحتها 58 هكتارا من أجل استغلالها.

كما كشف التحقيق خسارة موريتانيا مليارات من الأوقية جراء تهرب الشركة الإماراتية من دفع الضرائب، وادعاءها وجود إعفاء ضريبي لا يوجد له أي مستند قانوني.

وحملت الوثيقة - التي ألزم العمال بتوقيع نسخة منها باللغة الإنجليزية وحدها – عنوان: "اتفاقية عدم إفشاء المعلومات"، وطرفاها هم شركة Triple 4 Investment Holding Limited، وهي شركة مسجلة في أسواق أبو ظبي العالمية، تحت الرقم: 22907، ويقع مقرها الرئيسي في برج تاموه – جزيرة الريم – أبوظبي – الإمارات العربية المتحدة، أما الطرف الثاني فهو العامل في شركة "آفروبورت" بموريتانيا.

 

سرية تامة
وبموجب هذه الوثيقة التي فرض على العمال توقيعها يلتزم العامل بحماية المعلومات التي قد يحصل عليها من الشركة أو الشركات التابعة لها أو الشركات الزميلة أو أي كيانات تُدار أو تُسيطر عليها الشركة بشكل مباشر أو غير مباشر.

كما نصت الوثيقة على أن المعلومات السرية تشمل جميع المعلومات التقنية أو التجارية أو التشغيلية الخاصة بالشركة أو بأي من موظفيها أو عملائها أو متعاقديها.

وعرفت الوثيقة المعلومات السرية بأنها أي معلومات غير عامة أو حساسة تخص الشركة، سواء كانت مكتوبة أو مرئية أو شفهية، وتشمل الخطط التجارية والمالية، والبيانات التشغيلية والإدارية، والمعلومات الفنية والتقنية أو بيانات الملكية الفكرية، والعقود، واتفاقيات العمل، أو العلاقات مع العملاء أو الشركاء.

وأكدت الوثيقة التي فرض على العمال توقيعها أن هذه المعلومات تظل سرية حتى بعد انتهاء العلاقة بين العامل والشركة لأي سبب.

 

سنوات بعد نهاية العلاقة
وتنص الوثيقة التي وقّع عليها غالبية عمال الشركة دون معرفة دقيقة لمضامينها بسبب وجود نسخة وحيدة باللغة الإنجليزية على بقاء الالتزامات الخاصة بالسرية سارية لمدة ست سنوات بعد انتهاء العلاقة بين الطرفين، في حين تبقى الالتزامات المتعلقة بالأسرار التجارية سارية إلى أجل غير محدد.

وحددت الوثيقة التزامات العاملة في الحفاظ على سرية المعلومات وعدم إفشائها أو استخدامها إلا لأغراض محددة ومصرح بها خطياً من الشركة، وعدم مشاركة المعلومات مع أي طرف ثالث دون موافقة كتابية مسبقة من الشركة، وتقييد الوصول إلى المعلومات السرية على الموظفين أو الوكلاء الذين يحتاجون إليها لأداء مهامهم، واتخاذ تدابير حماية تعادل أو تفوق تلك التي يستخدمها لحماية معلوماته الخاصة.

كما منعت الوثيقة نسخ أو تخزين المعلومات السرية إلا في حدود ما يتطلبه الغرض المشروع، وفرضت تطبيق إجراءات أمنية وإدارية وتقنية مناسبة لحماية المعلومات، وإخطار الشركة فوراً في حال حدوث أي وصول أو استخدام غير مصرح به للمعلومات السرية.

وألزمت الشركة العاملين فيها بإعادة أو إتلاف المعلومات السرية عند انتهاء الاتفاقية أو بناءً على طلب خطي من الشركة، بما في ذلك النسخ أو الملخصات أو الصور أو الاستخلاصات منها، وتأكيد ذلك كتابيا، كما منعت عليه محاولة تحليل أو تفكيك أو عكس هندسة أي من المعلومات أو الأسرار التقنية الخاصة بالشركة.

 

تعويض قضائي

وبموجب الوثيقة، التزم العمال الذين وقعوها بحق الشركة في المطالبة بالتعويضات القانونية وإجراءات العدالة الوقائية لمنع أي خرق، أو عند إفشاء غير مصرح به قد يسبب ضرراً لا يمكن إصلاحه للشركة.

كما نصت الوثيقة على أنه إذا تبين أن أي بند من هذه الاتفاقية غير قابل للتنفيذ، فإن ذلك لا يؤثر على باقي البنود التي تبقى نافذة وسارية.

وأكدت الشركة أن هذ الوثيقة تعدّ سارية من تاريخ توقيع الطرفين أو من تاريخ أول إفصاح للمعلومات، وتبقى سارية إلى حين إنهائها حسب ما هو محدد، مشددة على أنه لا يجوز للعامل أي إعلان أو تصريح علني يتعلق بالشركة أو أنشطتها دون موافقة كتابية مسبقة.

ونصت الوثيقة على أن الاختصاص القضائي والتفسير خاضع حصرا لقوانين الإمارات العربية المتحدة، ويُحال أي نزاع إلى محاكم سوق أبو ظبي العالمي، كما أكدت أن هذه الوثيقة تشكل الفهم الكامل بين الطرفين بشأن موضوعها، وتُلغي أيّ تفاهمات أو اتفاقيات سابقة تتعلق بالمعلومات السرية، إلا إذا كانت متسقة مع هذه الاتفاقية.

 

إخلال بالالتزامات
ووثق التحقيق الذي نشرته مؤسسة "مدار" إخلال الشركة بجلّ التزاماتها، سواء ما يتعلق بتطوير المطار، وتحويله إلى محور رئيسي في إفريقيا، ناقلة عن مسؤول في شركة "طيران الإمارات" تأكيده قبل سنوات أنهم اتجهوا نحو إفريقيا بصفتها المنطقة الأكثر نمواً في العالم، وأن 10% من إجمالي عائدات طيران الإمارات مصدرها السوق الإفريقية.

كما كشف أن الشركة التي تعمل منذ سبع سنوات دون وجود اتفاقية لعملها، أخلت بالتزامها للطرف الموريتاني بالحفاظ على جميع موظفي شركة مطارات موريتانيا والموريتانية للطيران ومن بينهم موظفون منذ التسعينيات، حيث قامت بتصفيتهم بشكل تدريجي حتى اختفوا كليا تقريبا من الشركة.

فقد فصلت الشركة لاحقا العديد من العمال الموريتانيين بشكل تعسفي، واحتكرت المناصب المهمة في الشركة للأجانب، حيث تبادل عليها العديد من الجنسيات العربية والأوروبية والآسيوية.

 

الوزارة تماطل وتتهرب..
وكالة الأخبار المستقلة اتصلت منذ يوم الاثنين الماضي بوزارة التجهيز والنقل عبر المستشار الإعلامي للوزير، وطلبت رأي القطاع في الموضوع، وأرسلت لهم أسئلة مكتوبة، منبهة إلى أن الموضوع جاهز للنشر غير أنها لن تنشره ما دام هناك أمل بالحصول على رأي الوزارة.

وقد رد المستشار سريعا بالإيجاب، مؤكدا أنهم سيعلمون على الرد على الأسئلة، وإرسالها للأخبار، وعاد بعد وقت ليجدد التأكيد على أنهم يعملون على الرد، قبل أن يحذف الرسالة لاحقا.

 

وبعدها لم يعد يرد على اتصالاتنا.

 

وهذه هي الأسئلة التي أرسلناها له:
أسئلة وكالة الأخبار المستقلة لوزارة التجهيز والنقل:
- ما هو الأساس القانوني الذي يحكم علاقة موريتانيا مع شركة "آفروبورت" المسيرة لمطار نواكشوط الدولي أم التونسي، هل هي اتفاقية؟ وإذا كانت كذلك لماذا لم تعلن ولم تحل إلى البرلمان للمصادقة عليها؟
- لم يشهد المطار أي إجراءات تطويرية استثنائية (زيادة كبيرة في أعداد الرحلات أو المسافرين - استقبال شركات طيران جديدة - توفير خدمات نوعية للمسافرين والعابرين) خلافا لما تم الإعلان عنه إبان منح الشركة تسييره، فكيف ترون في الوزارة هذا الأمر؟ وما هو تقييمكم لأداء الشركة خلال السنوات السبع الماضية؟
- قامت الشركة بتصفية عدد كبير من موظفي شركة مطارات موريتانيا والموريتانية للطيران خلافا لما تم الإعلان عن الاتفاق عليه عند استلامها للمطار، ما هي الإجراءات التي اتخذتموها لضمان وفاء الشركة بالتزاماتها عموما، ولضمان حقوق العمال الموريتانيين؟

الوثيقة التي ألزمت الشركة عمالها بتوقيعها

الوثيقة التي ألزمت الشركة عمالها بتوقيعها

مدير شركة آفروبورت منذ يوليو 2023 الإماراتي محمد سلطان العبري

وزارة التجهيز والنقل مطالب ثم تهربت من التعليق على موضوع الشركة الإمارات