إعلانات

"الشرق الأوسط": بعد هجوم قطر بعض قادة حماس قد ينتقلون للإقامة في الجزائر أو موريتانيا

جمعة, 12/09/2025 - 05:16

بعد هجوم قطر... ما الملاذات الآمنة لقادة «حماس»؟

مصادر من الحركة: إسرائيل لا تأبه بأي دولة بسبب الدعم الأميركي القوي

 

أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني يشارك الخميس في صلاة الجنازة على ضحايا الهجوم الإسرائيلي على الدوحة (رويترز)

  • غزة: «الشرق الأوسط»

 

على مدار نحو عامين من الحرب على غزة، صعَّدت إسرائيل عمليات استهدافها قيادات حركة «حماس»، سواء داخل القطاع أو في بلدان بعضها لم يكن تنفيذ محاولات من هذا النوع على أراضيها متوقعاً.

وكانت أحدث تلك المحاولات في العاصمة القطرية الدوحة، التي كانت تستضيف وفداً من الحركة لبحث مساعي التهدئة بقطاع غزة. وفي حين أكدت «حماس» نجاة كبار مسؤوليها من الهجوم الذي وقع الثلاثاء الماضي، قُتل خمسة من أعضائها إضافةً إلى عنصر في قوات الأمن القطرية.

واستهدفت الغارات الإسرائيلية مجمعاً خاصاً بقيادة «حماس» في منطقة القطيفية بالعاصمة القطرية، وتسببت في مقتل همام الحية نجل عضو المجلس القيادي للحركة خليل الحية، ومدير مكتبه جهاد لبَّاد، إضافةً إلى مرافقيه أحمد مملوك وعبد الله عبد الواحد ومؤمن حسّون. كذلك قُتل الوكيل عريف القطري بدر سعد محمد الحميدي الدوسري.

ووفقاً للمصادر، فإن المجمع المستهدف يضم مكاتب ومنازل، وجميعها تخص قيادات ومسؤولين من «حماس» وحراس أمنهم، ومن بينها فيلا متوسطة الحجم تعود لخليل الحية، وبداخلها مكتب خاص وهو الذي تعرض للهجوم الأكثر كثافة من بين 4 ضربات تقريباً.

والدول التي شهدت محاولات اغتيال إسرائيلية لقيادات من «حماس» منها ما اعتاد لفترات على تلقي ضربات مثل لبنان وسوريا، ومنها ما كان وقوع عمليات فيه غير معتاد، مثل إيران وقطر؛ كما وقعت سابقاً محاولات مشابهة في تركيا، ومرة في الإمارات، وكانت هناك محاولة واحدة على الأقل منذ عقود في العاصمة الأردنية عمان.

ولعل أبرز تلك العمليات عملية اغتيال رئيس المكتب السياسي للحركة إسماعيل هنية، في 31 يوليو (تموز) 2024، داخل العاصمة الإيرانية طهران، فيما سبقه في الثاني من يناير (كانون الثاني) من العام نفسه، نائبه صالح العاروري خلال هجوم استهدفه في الضاحية الجنوبية بلبنان.

وفي داخل قطاع غزة، وقعت سلسلة اغتيالات لقيادات من الحركة وجناحها العسكري، من أبرزهم محمد الضيف، ونائبه مروان عيسى، وكذلك محمد السنوار، إضافة إلى يحيى السنوار قائد الحركة في قطاع غزة سابقاً، ثم قائدها العام بعد اغتيال هنية، هذا إلى جانب أعضاء بارزين بالمكتب السياسي، مثل روحي مشتهى وسامح السراج وغيرهما.

«عملية تغرير»

بعد العمليات المستمرة من قبل إسرائيل وأجهزتها الأمنية لملاحقة قادة «حماس» في الداخل والخارج، وخاصةً بعد عملية الدوحة، إحدى دول الوساطة بين إسرائيل وقيادات «حماس»، يتساءل كثيرون: هل من ملاذات آمنة يمكن أن تحتضن قيادات الحركة؟

وقال مصدر قيادي من «حماس» في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن اغتيال القيادات واستهدافهم متوقعان، «لكن عملية الدوحة تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن إسرائيل لا تأبه بأي دولة، ولا تعمل حساباً لتلك الدول، ولا للمجتمع الدولي، طالما أن هناك إدارة أميركية تدعمها بقوة».

وذكرت مصادر من الحركة أن قيادات «حماس» باتت تدرك منذ اغتيال هنية أنه لم يعد هناك «مكان محصن»، مشيرة إلى أن القيادات كانت كثيراً ما تتنقل بين الدوحة وإسطنبول، وكانت تعلم جيداً أنه يمكن استهدافها، لكن حدوث ذلك في قطر في وقت تجري فيه مفاوضات «ينم عن أن العملية حصلت في إطار عملية تغرير اعتمدتها إسرائيل بالتنسيق مع الولايات المتحدة».

وتقول المصادر إنه من غير المعروف في هذه اللحظة أين سيستقر قادة الحركة بعد استهدافهم، وما إذا كانوا سينتقلون إلى دول أخرى، مضيفة أن هذا الأمر سيُبحث لاحقاً، وأنهم قد يبقون في قطر أو يتنقلون منها إلى تركيا، أو ربما إلى «مكان آخر يرونه أكثر أماناً».

ولم تستبعد المصادر أن ينتقل بعض قادة الحركة المؤثرين إلى دول مثل الجزائر أو موريتانيا، مشيرةً إلى أنه جرى في فترة من الفترات بحث نقل بعض القيادات إلى الجزائر، وانتقال آخرين إلى ماليزيا، قبل أن يتم استبعاد الأخيرة لظروف أمنية معينة لم تكشف عنها المصادر.

وعما إذا كانت مصر أو دول عربية أخرى من ضمن الخيارات المطروحة لانتقال قيادة الحركة، قالت المصادر: «لا شيء مستبعد، وستبقى كل الخيارات مفتوحة».

وأشارت إلى أنه في فترة من الفترات كانت مصر ملاذاً آمناً، تحت حماية أجهزة الأمن المصرية، لقيادات من الحركة بينهم موسى أبو مرزوق الذي كان له منزل ومكتب بالقاهرة، ولا يزال حتى الآن هذا المكان بمثابة مقر لقيادة الحركة وتعقد فيه بعض الاجتماعات، كما أنه استضاف مؤخراً بعض اللقاءات الفصائلية خلال بحث مقترح الوسطاء الأخير الذي وافقت عليه الحركة دون شروط.

وقال مصدر: «قيادة الحركة لا تخشى الاغتيال والموت، لكنها تسعى لأن تكون بأمان لمواصلة مشروع التحرير».

مدن طالتها مخططات «الموساد»

لم يكن استهداف إسرائيل لقيادات في «حماس» وغيرها من الفصائل في دول خارج الأراضي الفلسطيني أمراً مستغرباً، بل وكانت بعض الدول مثل لبنان وسوريا أرضاً خصبة لهجماتها، لكن حدوث ذلك في بعض العواصم والمدن كان خارج نطاق التوقعات.

ففي العاصمة الأردنية عمان، حاول عناصر من جهاز الاستخبارات الإسرائيلي (الموساد)، في 25 سبتمبر (أيلول) 1997، اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» آنذاك خالد مشعل، وذلك بإلقاء مادة سامة عليه خلال مروره بالطريق متجهاً صوب مكاتب الحركة، وأصيب مشعل حينها بجروح خطيرة. وجرت مساومة بين الأردن وإسرائيل، تضمنت الإفراج عن عناصر «الموساد» الذين نفذوا الهجوم مقابل إطلاق سراح مؤسس الحركة الشيخ أحمد ياسين و70 أسيراً فلسطينياً، وتسليم مادة مضادة للسم لإنقاذ حياة مشعل؛ وتمت الصفقة.

وفي مدينة دبي بالإمارات، نفذ جهاز «الموساد» في 19 يناير 2010 عملية داخل أحد الفنادق قُتل فيها محمود المبحوح، القيادي في «كتائب القسام» الجناح المسلح لحركة «حماس»، خنقاً وصعقاً بالكهرباء. وتعود أصول المبحوح لمخيم جباليا بشمال قطاع غزة، وقد أقام في الخارج لعقود، وكان مسؤولاً عن نقل أسلحة وصواريخ من إيران إلى داخل القطاع.

وبين عامي 2021 و2022، حاول عملاء يعملون لصالح «الموساد» اغتيال أسرى محررين من قيادة «حماس» في أثناء وجودهم في تركيا، بعد إطلاق سراحهم في صفقة الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط عام 2011، وكُشف عن مخطط للعمليات التي كانوا يعتزمون تنفيذها.

سبق ذلك في 21 أبريل (نيسان) 2018 اغتيال عملاء من «الموساد» فادي البطش، أحد المهندسين السريين الذين يعملون في «كتائب القسام» وتحديداً لتطوير سلاح الطائرات المسيّرة؛ وذلك بإطلاق النار عليه في ماليزيا، ولكن «القسام» لم تتحدث رسمياً حتى الآن عن أنه أحد مهندسيها، لكنها نعته وأقامت له سرادق عزاء كبيراً ببلدته في جباليا.

وفي يناير 2024، أعلن الجيش الإسرائيلي أنه اغتال حسن عكاشة بمحافظة ريف دمشق بسوريا، قائلاً إنه كان مسؤولاً عن إطلاق صواريخ «حماس» من الأراضي السورية باتجاه إسرائيل. ولم يذكر كيفية الاغتيال.

وفي أواخر سبتمبر (أيلول) من العام نفسه، أعلن جيش إسرائيل عن تنفيذ غارة جوية جنوب سوريا قال إنه اغتال فيها أحمد محمد فهد، مشيراً إلى أنه كان قائداً ميدانياً في حركة «حماس» ووراء إطلاق قذائف صاروخية نحو هضبة الجولان.