الدهماء ريم
........ا
أوجه تناقضنا لا حصرَ لها، وتَتَجدَّد ذاتيًّا مع الأسف، لكنها تَهزِم نفسها لكونها كاذبة أصلاً وفرعًا.
على سبيل المنطق، أمَّة كانت مُختلطة في الخَيمة، وتحت بيتٍ من الشَّعر وداخل بيت غزل من الشِّعر،.. ومازالت مُختلطة في بيوت الخَشب والإسمنت، وفي المدارس والمكاتب والمدرَّجات، وفي غرف المستشفيات والمُداومات الليلية وفوق مقاعد الانتظار في القاعات، ومختلطة في المهرجانات وخيام الانتخابات، والأسفار الرسمية من الوزير للغفير، وتَحْتكُّ أجسادها ببعضها في ممرَّات الأسواق المجْهرية، وتلتصق في الحافلات الجسد بالجسد، وفي سيَّارات الأجرة الورك بالورك.. وتعيش فضاءً مغلقا من الشَّهوانية والشَّبقية في الشقق وفضاء مماثلا مفتوحا على أطراف المدن وكثبانها، ومع ذلك تَلتاعُ ضمائرها ورعًا من صوَّر سياحية إعلانية للفاشينستات!.. عجبي لهذا الطُّهر المصطنع!، وما منَّا إلا ويعرف أنا الفاشينستات والفاشينستين مجرد شباب في صيغة لوحات إعلانية آدمية، هدفهم الأخير المال السَّهل الناعم لا أكثر، حتَّى ولو أظهروا تمردا على بعض قِيَّمنا التي نُنافق أنفسنا بها، فهم أبناء زمانهم لا زماننا.
ألسنا أمة لم تتورَّع عن تصدير اللحوم البيضاء للبلاد المقدسة؟، وتتورَّع من رحلة بالصوت والصورة في قارب ترويجي لمجموعة من الشباب.. ، نحن لم ننشغل بما قدَّموا أمام الكاميرا، لكننا انشغلنا كثيرا بتخيُّل ما سيُقْدِمون عليه بعد انطفاء الأضواء وحين يضّجعون ويهجعون في الثلث الأول من الهزيع!.. لماذا؟.. لأنَّ أذهاننا مشبعة بأخيلة الجنس لحدِّ المرض والقذف والتشهير، ولأنَّ أعيننا تتَّبع الآخر، تُسقط أخيلتها على واقعه الذي لا تراه.. أَلاَ تُعسًا لظلال الصُّور الفاجرة في أدمغتنا حين تستبيحنا.
سادتي، ما مِنْ كارثة أخلاقية يعيشها هذا المجتمع اليوم، أشْنَع من الصَّمت إزَّاءَ المسكوت عنه من سياحة جنسية نشطة، تسمى فيما تسمى "السريه"، أو المتعة الحلال، أو الزِّنا المُقنَّع، أو تداول الفتيات في برصة الشَّهوة "حلالاً" أو حراما.. هذه فعلا كارثة صحية واجتماعية وأخلاقية، سوقها لا تَعفُّ عن ذوات العشر، ومضاعفاتها تُبكي، ومع ذلك ما من مُستنكر!،.. لأن المستنكر إمَّا مُشترك أو متمالئ بفعلٍ أو منفعةٍ أو صمتٍ،.. هل هذه "الخلاعة المحمية" بالشرع والعُرف والمال والنفوذ تتم تحت رعاية الفاشينستات؟.. لا، بل تحت رعاية أهل السُّوء وأهل المَكرُمة على حدِّ السَّواء، .. نحن نُطارد القُشور ونلتفتُ عن عوامل فنائنا التي ننتج بأيدينا ونفاقنا ولامُبالاتنا المهلكة.
أعرف أنَّ جوقة العقول غير الصادقة، لا تَقْبل الخوض برأيٍ مُخالفٍ لعواطف الغوغاء في أوقات تَهيِيجها، لأنه سيُعامل بالتَّخوين الدِّيني والأخلاق والتشكيك العَقدي.
فما داموا عاجزين على المُحاججة بالعقل والمنطق، وما داموا يُعيدون الأمور لنظرتهم التِّي لا تتجاوز أبعدَ من مترٍ ونصف، ولتربيتهم الوجدانية المُخاتلة والغارقة في الأحاسيس التحريمية والتجريمية حين التَّقاضي والتبريرية حين التَّغاضي، فالأجدر الابتعاد عمَّا يحتاج الحجج النظيفة.. لي رأيي، ولكم رأيكم وصفحاتكم.
تحياتي.