إعلانات

من الأخطاء اللغوية الشائعة لدى الصحفيين في زماننا هذا

أحد, 27/07/2025 - 23:20

محمد فال سيدنا الناء

 

 

من الأخطاء اللغوية الشائعة لدى الصحفيين في زماننا هذا؛ ما ذكرتُه في "المداخلة" يوم أمسِ أمام جمهور الملتقى الدولي الأول "اللغة العربية في وسائل الإعلام العربي"، بالجزائر العاصمة، ومنها مثالا:

- منعهم الصرف في "أنباء" و"أجزاء" و"أحشاء" و" أعضاء" و"أعداء" ونحوها، قياسا على "أشياء" الممنوعة من الصرف، حيث ذكرت أنه قياس فاسد، فوزن "أفعال" لا يمنع من الصرف أبدا، وأما "أشياء" فقد مُنعت من الصرف لأن وزنها ليس على "أفعال" بل على "أفعاء" والأصل "أفعلاء" (أشيئاء) وللكسائي رأي في وزنها على "أفعال" وتعليل لمنعها من الصرف أقرب...

وقلت إن الصحفي لا يُطلب منه البحث في المسائل النحوية والصرفية كثيرا، إنما يلزم الصواب بعد استشارة المدقق اللغوي، إلا أن يكون مهتما بالأصول والقواعد باحثا عن التوسع فيها، فذلك شأنه وله مظانه.

ثم ذكرت كسرهم التاء في "تِجوال" و"تسيار" و"تكرار" ونحوها، وقلت إن المصادر التي على وزن "تِفعال" (بكسر التاء) قليلة، منها "تِبيان" و"تلقاء" وبعضهم قال إنها أسماء مصادر، وليست مصادرَ؛ فالصحفي يحفظ في ذاكرته "تِبيان" و "تِلقاء" بكسر التاء، ويفتح التاء في سائر المصادر التي على ذلك الوزن.

وقدمت نصيحة لأمثالي من الطلبة الحاضرين معنا من "معاهد الإعلام وأقسامه في الكليات الجزائرية" أنْ ركزوا على أبواب نحوية يحتاجها الصحفي المهني في أعماله يوميا؛ كالعدد، والممنوع من الصرف، والمثنى وأحواله في الإعراب، ومررت بلغات العرب في المثنى، وأتحفتهم بما جاء في تفسير الآية الكريمة "إن هذان لساحران" مشيرا إلى بعض "التعليلات" لدى الفقهاء والنحاة، فبادر أستاذ طيب ولغوي أديب من بين الحاضرين مطالبا بذكر ذلك تفصيلا، فأجبت طلبه، وقلت:

إنَّ هنا بمعنى نَعَمْ، أو أجلْ، وأنشدوا في ذلك قول "ابن قيس الرقيات" في أبيات له:

بَكَرَ العواذلُ في الصَّب...اح يَلُمْنَني وألومُهنَّهْ

ويقُلْنَ شيبٌ قد عَلا...كَ وقد كبرتَ، فقلتُ: إنَّهْ!.

كما جاء في قولهم إن عبد الله بن الزبير - رضي الله عنهما - قدم إليه رجل على ناقة فسأله حاجة فلم يتيسر له القضاء، فقال الرجلُ: لعن اللهُ ناقةً حملتني إليك، فرد عليه عبد الله: إنَّ وراكِبَها. بمعنى: أجلْ ولعن اللهُ راكبَها.

وقالوا إنها من المُخففة "إنْ" ولا إشكال في الرفع على الابتداء...

قال ابن مالك:

وَخُفِّفَتْ إِنَّ فَقَلَّ العَمَلُ .. وَتَلْزَمُ اللاَّمُ إِذَا مَا تُهْمَلُ.

وذكروا من أقوالهم فيها أن اسم الإشارة المثنى هنا بقي على أصله مثبتَ الألف وهي لغة عند بعض العرب فيثبتون الألف مطلقا للمثنى، في الرفع والنصب، والجر، ومنه قال الشاعر:

واهاً لِرَيّا ثُمَّ واهاً واها ... هِيَ المُنى لَو أَنَّنا نِلناها

يا لَيتَ عَيناها لَنا وَفَاهَا ... بِثَمَنٍ نُرضي بِهِ أَباها.

وعدت إلى أمثالي من "المبتدئين" في مجال الإعلام أذكرهم باللغة وأهميتها في إنجاز الأعمال الصحفية، وكذلك "الثقافة التاريخية والقانونية" والثقافات "الشعبية" و"الدينية" وكل ما يوسع المدارك المعرفية، فالعمل الصحفي يغطي الحياة بكل تفاصيلها، والصحفي الناجح لا يكون إلا مثقفا واسع الاطلاع... وهذا الذي ننشده ونسير في سبيله، وفرصتنا في هذا العمر بهذا العصر أدنى قطوفا ممن سبقونا في "مهنة الشغف والمتاعب".

كانت "المداخلة" ارتجالا، فالمكتوب نسيته في "الحاسوب" بنواكشوط، ووفق الله في ذلك النزر القليل، وستر بستره الجميل، فالحمد له حق حمده.