إعلانات

رئيس الوزراء الإسباني يزور نواكشوط وسط تركيز على الهجرة والأمن

اثنين, 14/07/2025 - 22:43

 

يبدأ رئيس الوزراء الإسباني، بيدرو سانشيز، الأربعاء المقبل، زيارة رسمية إلى العاصمة الموريتانية نواكشوط، يترأس خلالها أول قمة حكومية رفيعة المستوى بين موريتانيا وإسبانيا، في خطوة تهدف إلى تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، خصوصًا في مجالات الهجرة، الأمن، والتنمية.

ووفق ما أفادت به مصادر رسمية وصحفية في مدريد، من المنتظر أن يرافق سانشيز وفد وزاري رفيع يضم سبعة وزراء، من بينهم وزيرا الداخلية والخارجية، إلى جانب وزراء الهجرة، التشغيل، والطاقة، وذلك في إطار اللجنة الموريتانية الإسبانية المشتركة، التي تقرر أن تُعقد اجتماعاتها بشكل سنوي بالتناوب بين نواكشوط ومدريد، وفق اتفاق سابق أبرمه الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني خلال زيارته الرسمية إلى إسبانيا العام الماضي.

تحول استراتيجي

وتعكس هذه القمة – بحسب الإعلامي محمد لمين خطاري، في مقابلة مع قناة “صحراء 24” – تحولًا استراتيجيًا في مسار العلاقات الموريتانية الإسبانية، إذ يتجاوز نطاقها التقليدي المرتبط بمكافحة الهجرة غير النظامية، ليشمل مجالات أوسع مثل الطاقة، الزراعة، والاستثمار. وقال خطاوي إن اللجنة المشتركة “ستشرع في تغيير كامل لسير العلاقات الموريتانية الإسبانية في شتى الأصعدة”، مشيرًا إلى أن “الهجرة تبقى الهاجس الأول، لكنها لن تكون البند الوحيد المطروح”.

وتأتي زيارة سانشيز في ظل ما وصفته مدريد بـ”مرحلة جديدة” من التعاون الثنائي، تشمل تنظيم لقاءات دورية رفيعة المستوى بين الحكومتين، مشابهة لنمط التعاون الإسباني مع دول شمال إفريقيا.

رسائل مدريد

ويرى لمين خطاري أن زيارة سانشيز إلى نواكشوط تحمل أيضًا رسائل موجهة إلى الداخل الإسباني، حيث يواجه رئيس الوزراء ضغوطًا سياسية متزايدة بسبب ملف الهجرة.

وأشار الإعلامي إلى أن “سانشيز يعيش أزمة داخلية مرتبطة أساسًا بقضية الهجرة، التي أصبحت تؤرق الرأي العام الإسباني، متقدمة على قضايا التشغيل والبطالة في سلم الأولويات”.

وتُعد موريتانيا أحد أبرز شركاء إسبانيا في إدارة ملف الهجرة، خصوصًا عبر الأطلسي نحو جزر الكناري.

وتشير تقارير الحكومة الإسبانية وهيئات الإحصاء إلى تراجع ملحوظ في أعداد المهاجرين المنطلقين من السواحل الموريتانية، وهو ما تعتبره مدريد “إنجازًا ملموسًا” ساهم في تهدئة الانتقادات الداخلية. وقال خطاوي إن “نواكشوط ستكون منصة لسانشيز ليتحدث إلى الإسبان عن نجاحات في هذا الملف”.

الأمن والهجرة

وفي بعده الأمني، تكتسب القمة أهمية خاصة على ضوء تصاعد التوترات في منطقة الساحل، والاضطرابات الجيوسياسية في المحيط المغاربي. وتعتبر إسبانيا أن استقرار موريتانيا يمثل عنصرًا حيويًا في أمن البحر المتوسط، خصوصًا في ظل الخشية الأوروبية من تكرار سيناريوهات فوضى الهجرة كما حدث في ليبيا قبل أعوام.

وأشار خطاوي إلى أن “موريتانيا تُعد، من وجهة نظر حلف شمال الأطلسي، جزءًا من جناحه الجنوبي”، مضيفًا أن “الربط بين استقرار موريتانيا والأمن الأوروبي بات أكثر وضوحًا، وخاصة من خلال المياه الإقليمية المرتبطة بجزر الكناري”.

من المنتظر أن تبحث القمة مراجعة عدد من الاتفاقيات الثنائية القائمة، واستحداث أخرى جديدة، بما يتناسب مع التغيرات الإقليمية والدولية. وقال خطاوي إن “وزارة الداخلية الموريتانية تقود مشاورات لتحديث بعض الاتفاقات القديمة مع إسبانيا، بما ينسجم مع الوضع الراهن”.

وعلى صعيد العلاقات الاقتصادية، يُرتقب أن ترافق سانشيز وفود من شركات إسبانية مهتمة بالاستثمار في موريتانيا، في وقت تشهد فيه المبادلات التجارية بين البلدين نموًا ملحوظًا. وأفاد خطاوي بأن هناك “غرفة موريتانية-إسبانية مشتركة تتابع هذه التحركات”، مشيرًا إلى أن نواكشوط بدأت “تتحول إلى شريك استثماري، وليس فقط أمني”.

وكان الاتحاد الأوروبي قد أعلن، خلال زيارة سابقة مشتركة لسانشيز ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين إلى نواكشوط، عن حزمة دعم تتجاوز 500 مليون يورو موجهة لدعم مشاريع تنموية وجهود الحد من الهجرة.

وبحسب الإعلامي لمين خطاري، فإن “الزيارة ستكون أقرب إلى تقييم من كونها زيارة مقترحات”، موضحًا أن “السياقات العامة التي بُنيت عليها الاتفاقات السابقة ما تزال قائمة”، وأن القمة ستكون “محطة لإعادة ضبط الأولويات وتنشيط آليات المتابعة”.