
أبو العبلاس أبرهام
كان فُون نْجوِين جْياپ، الذي جندَل فرنسا وأميركا، في فيَتنام يقول إنّ "الدوّل الديمقراطية لا يمكن أن تخوض حرباً لمدّة أربع سنوات". علِم أنّ إرادة الحرب في الانتخابات هي بيد الجمهور، السِلمي بطبيعته. قبل الحرب العالمية الأولى كان الشعب يحتفي بالحرب ويُغنّي لها. مع تبرجز العالم صارت الحرب قذِرة وغير عقلانية.
رهان جْياب كان شبيهاً برهان السنوار على عدم طول نفَس إسرائيل في الحرب (بسبب طبيعتها الانتخابية وبسبب كلفة الحرب وبسبب الضغط الدولي الذي كان دائماً ينهي حروب إسرائيل على غزّة في أربعين يوماً، يحدُث بعدها إعادة الإعمار وتبادل الأسرى وإحراز الهُدنة). ولكن السنوار غفِل اختلاف إسرائيل. أوَلاً هي مجتمع حربي. والجمهور فيها يؤيّد المذبَحة، وهو ما سمَح لحكومة فاشية وثلّة من مُجرِمي الحرب فيها بتقلّد الأمر. كما أنّها تتمتّع بحقّ الإبادة، حقٌّ توراتي يُعطى لإسرائيل من بين جميع الأمم. وتقِف وراءها أمبراطورية السلاح. وتُعطيها حقّ إطالة الحرب وعدم وقفها غصباً عن بكاء العالم.
وبعبارة أخرى فإنّ إسرائيل لا تُحدُّ بقوانين الحرب الاعتيادية. ولكن حرب إيران تأتي بمعادلة جديدة. حرب المدَن تصِل إسرائيل. كان "ما بعد حيفا" سقفاً. فصارَ طقساً. حرب المدن في تلّ أبيب. السؤال الآن هو سؤال جْيابْ: ما هو سقف الحرب الإسرائيلية. إلى حدّ الآن سجّلوا 30000 طلب تعويض عن الأضرار. هذه الوتيرة تعني وصول الأضرار إلى 300000 منزل وسيارة وروح في أسبوعين، وهي المدّة التي تقول إسرائيل إنّها كافية للحرب، ناهيك عن عشرات المصالح كالمركّبات والمواني والمعاهد العسكرية. هل يمكِن أن يحارِبوا شهراً أو شهرين بهذه الوتيرة؟ وتيرة الإنذار والإجلاء والإيواء في الفنادق واكتظاظ المستشفيات إلخ.
لا يعني قانون جْياب أنّ الرأسمالية غير قادِرة على التعريض بمصالِحها. بل إنّ الرأسمالية تستفيد من الحرب. والحقيقة إنّ الحرب هي فرصة الرأسمالية في توسيع فائض الربح، عن طريق تدمير العالم ثمّ إعادة إعماره. والحرب العالمية الثانية هي ما أنقَذ الرأسمالية من الكساد الكبير. وإسرائيل هي رأسمالية حربية، تستمدِد بمجتمعٍ استيطاني يأتي من الغرب تحت لواء الوعد الإلهي. إنّها تجربة جديدة بالنسبة لهم. ويبدو أنّها الوحيدة التي يمكِن بها إلجامُهم عن الحرب والانتشاء بالدم. وذكَر فانون أنّ تعفير أنفِ المحتلّ هو ما يُحرّر المستعمَر لأنه يرفعه من حالة المستعبَد إلى حالة الندّ. المستعمِر يقول بالتفوّق. والمقاوم يقول بالتساوي. وهو يجِد التساوي في الوغى.