
1 مرثية الأديب الأريب محمدن بن امد
طرق أذني اسم محمدن بن امد لأول مرة ذات ضحوة من سنة1995، عندما كنت أستمع إلى أخي وصديقي الملهم إيدَ بن بدَّ رحمه الله، وهو يبكي أطلاله ويشتاق لأصدقائه في الثانوية الوطنية، وقد حازت تلك القطعة الشعرية على إعجاب النقاد والمتذوقين للشعر لأن إيد المبدع تمكن من تحديث غرض البكاء على الأطلال فساقه في ثوب جديد أبدع فيه أيما إبداع
عجبا لي أظل في ليس محزو
ناً كأني ما قد طربت بليسا
وكأني ما قد شربت لكوكا
في رباها وما بذلت نفيسا
وبعدما انتهى من إلقاء القطعة، أردف قائلا لقد عارضها أخونا محمدن ول امد بقطعة جميلة ورواها لنا من حفظه ومنها قوله:
ما أحيلى زمان نلهو ب "ليسا"
بين "إكس" و" إكرك" و" سنيسا"
نتلقى دروسنا في انتظام
لا نراعي لغيرها تقديسا
تعرفت على الفتى محمدن بعد ذلك أكثر بعد إطلاق "موقع أخبار انيفرار"، فقد كانت تعليقاته ثرية ومفيدة وملفتة للانتباه، وكان يحرص دائما على التنويه بكل ما يكتبه صاحبكم، وذلك طبعا من حسن ظنه وطيب أرومته.
اكتشفت محمدن ول امد الشاعر عندما بدأنا في الموقع نشر مراثي الشيخ يعقوب بن عبداللطيف، فقد عدت مرثيته من الجياد أشدو الفتيان أخباره، ثم رثى بعد ذلك عدة أعيان من الحي ك بل بن ديد والشيخ بن احماد، وسيد محمد بن بد، ومحمد فال بن احمادَ رحمهم الله.
يتميز شعر محمدن بن امد بالجزالة والعتنة وتوظيف المحسنات اللفظية، كما يشحنه بالنكت والإشارات واللطائف الدقيقة التي يثبت كل مرة من خلالها أنه معتز بأخواله أهل انيفرار ولاهو امبهلل فأخبارهم.
وسأستأذنه هنا في وصف شعره بشعره من خلال تضمين أبيات كان قد كتبها تعليقا على مقال لأحدهم ولكنه في الحقيقة كان يقصد نفسه فقال:
له قصائد مثل الدر جودتها
تزري بنجل الحسين الشاعر الذرب
والنثر كالشعر يسبي من محاسنه
كأن أحرفه صيغت من الذهب
كنت طيلة إقامتي في الدوحة على اتصال دائم بصديقي محمدن بن امد ومتابع لكل ما ينثره في صفحته من حلقات تاريخ موريتانيا الإيجابي والتي طالبته غير ما مرة بجمعها بين دفتي كتاب، فقد بذل فيها مجهودا مضنيا وجمع مادة دسمة وهامة.
ذات خطرة على الوطن تواصل معي الأديب المحب محمدن بن امد وأهداني نسختين من كتابيه "فتح المجيب في شمائل الحبيب صلى الله عليه وسلم" و"احمرار وشرح نظم الشفا في من برئ على يد المصطفى صلى الله عليه وسلم" للعلامة الشيخ محمد سالم ولد ألما رحمه الله.
بعد عودتي للبيت جلست قرب الوالدة رحمها الله وبدأت في مطالعة احمرار الشفا، وأخبرتها أنه هدية من صديقي محمدن فتهللت أسارير وجهها، وقضينا وقتا ممتعا نتدارس ذلك النظم المبارك فقد كانت تحفظه عن ظهر قلب وآن مسترويه اعليهَ، ثم ضمت الكتابين إلى مكتبتها النبوية، وطلبت مني أن أوصلها بمحمدن عبر الهاتف لتصل رحمه وتسأله الدعاء وكذلك كان دأبها مع كل من يخدم الجناب النبوي.
جاءنا الأديب محمدن بن امد معزيا ومواسيا رفقة وفد رفيع من "الشعراء" - اسم لعصر وحاظيهم اتباركلل- وقضوا معنا وقتا ممتعا تخللته أحاديث شيقة وأحاسيس صادقة قدمت فيه التعزية بطريقة طايبة، ثم ألقى محمدن مرثية جميلة تفاعل معها الحضور وأثنوا على سبكها وحبكها وقرب مأخذها وإيجازها واتفقوا على أن محمدن ول امد شاعر مطبوع.
وسأتحفكم بنص المرثية، كما سأرفق النص بفيديو يتضمن إلقاءها.
جزى الله بالإحسان عنا ابن بنتنا محمدن بن امد وأصلح لنا وله الحال والمآل والعيال والمال بجاه الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم
يعقوبُ لا تجزع وكن يعقوبُ
جبلا إذا ما النائباتُ تنوب
فلأنت أهل للمكارم كلها
ولأنت للأمر الملم طبيب
هيهات جلب النصح نحوك إنه تمر لخيبر يا أخي مجلوب
أنت الخبير العارف الفطن الفتى
أنت الأديب المصقع الموهوب
ولَسيد صِنوُك في العلا ما منكما
إلا فتى سمح الخلال وَهوب
ما عيش إلا برة عمرية
أدب الوقار بطيبها مخضوب
ذكر المهيمن دأبها فحياتها
في ذكره تسعى به وتؤوب
ولَحب أحمد ديدن عرفت به
فهي المحبة والهدى المحبوب
من أحمد بن الحمد طاب نجارها
ولها استنار من آل ألف نصيب
أم الكرام بني أبُنْ أهل العلا
مَن بيتهم بالمكرمات يطيب
بيت الولاية والصلاح ومن همُ
ملجا الورى إما تنوب خطوب
بيت على تقوى الإله وحبِّه
وعلى المنافع للورى منصوب
والأخت توت نجيبة ولَصِنوها
فخر القبيلة صالح لنجيب
يا رب فاحفظ أهل هذا البيت في
أمن وخير لا نحته كروب
وسقى الرياض رياض عيش برحمة
رب سميع للدعاء مجيب.