إعلانات

هذا بيان لسكان هذه الصحراء/ المختار السّـالم (15 و16 و17 من 17)

أربعاء, 23/04/2025 - 21:07

تأليف: المختار السالم

 

-15-

بالنسبة للأوربيين دورنا الوحيد على هذه الأرض هو تأمينهم وتموينهم. احتفظ الإسبان لفترة طويلة بالساقية الحمراء ووادي الذهب لأسباب أمنية وخرجوا منهما لأسباب أمنية، وصنع الفرنسيون موريتانيا كمستعمرة لأسباب أمنية وأعادوا تصنيعها كدولة جبل حديد لأسباب أمنية وتموينية وهاهم اليوم ومعهم الأوربيون يعيدون تشكيلها لتكون نقطة حراسة ومحطّة تموين غاز بكل ما تحمل هذه الكلمات من معنى.

يريدون منّا أن نكون الأيدي التي بها يبطشون ضد الأفارقة، والأيدي التي بها يطردون الأفارقة، ونكون معسكر اعتقال جماعيّ لأشقائنا القادمين من جنوب الصحراء، يريد منا الأوروبيون أن نحمل عنهم العار والمعرّة. يريدون لأيدينا أن تتلطخ بدل أيديهم الملطخة أصلاً، يريدون أن نكون لهم البواب الذي يضرب بهراوته كي يمنع الأفارقة من الهجرة إلى أوروبا لاستعادة جزء مما سلبته الدول الأوروبية منهم ومن آبائهم وأجدادهم وما زالت تسلبه. يريدون منّا نحن البلد الفقير، أن نتحمل عنهم دفع فاتورة الهجرة ماديا ومعنويا وأخلاقيا وأن نكون العصا التي بها يضربون أشقائنا، يريدون أن نحمل عنهم "الوجه المكشر" تجاه إخوتنا وأشقائنا الأفارقة.

ونحن يلزم أن نكون عونا لإخوتنا لا عونا عليهم. والذين يهاجرون من الأفارقة ويريدون العبور إلى أوربا، فأي وقت يمضونه في بلدنا يرونه ضائعا في رحلتهم إلى القارّة الأخرى، ولكننا تحالفنا مع الأوربيين كي نرغمهم على البقاء هنا بدل تسهيل هجرتهم. أقنعنا الأوروبيون بعشرات الإجراءات التي ليس لها هدف سوى تحويلنا إلى معسكر استقرار إن لم نقل سجنا جماعيا لمئات الآلاف من المهاجرين الذين قضتْ الدول النافذة على آمالهم في البقاء في بلدانهم الأصلية وتريد أن تقضي على آمالهم بالهجرة إليها عبر إقناع بعض الدول الوسيطة في شمال إفريقيا التي أرادتها أن تكون بوابة لها تحمل الهراوة من أجلها، والكل رفض إلا نحنُ.

يريدون منا أن نقبل أن نتحمل عنهم عار طرد أشقائنا المهاجرين اللاجئين المساكين أو أن نقبل أن نصبح وطنا بديلا ومعسكرا جماعيا يطردون إليه كل هؤلاء المهاجرين أو من نجا منهم بعد رحلة الموت والفناء إلى الشواطئ الأوروبية. يريدون منا أن لا يبقى لنا من خيار سوى أن نتولى عنهم عار طرد ومطاردة المهاجرين المساكين أو أن نصبح نحن أقلية منفية في بلدنا أو خارجه بعد أن يجعلوا منه غوانتانامو يرحلون إليه مئات آلاف المهاجرين الذين يرفض الأوروبيون غطرسة واستكبارا ونكرانا للجميل والسابقة استقبالهم.

نحن البلد الفقير الذي لديه صعوبات كبيرة في حراسة حدوده وتأمين مواطنيه رغم قلتهم وتوفير الحدّ الأدنى من الحياة الكريمة لهم، علينا أن نتحول إلى سجن بديل ومعسكر جماعي كي نحمي الأوربيين ونحمل عنهم العار، يا للعار.

والثغرات الإحصائية المليونية مفتوحة في بلد تزوير الوثائق التي تمهد للوثائق التي لا تزوّر. فوثائق الحالة المدنية ربما لا تزور، لكن الوثائق التي تمنح عليها سهلة التزوير. وما الفضيحة الأخيرة إلا رأس جبل جليد.

إنّ كل حديث عن مستقبل موريتانيا يجب أن ينطلق من حقيقة أن الأحياء الريفية لا تصلح لبناء الدول في هذا الزمن، وأنَّ الحد البشري لبناء الدولة لا يمكن القفز عليهِ مهما كانت الدولة ثرية ومُنَظَّمة، فدول الخليج مثلا تحولت إلى حكم صوري أسري عربي لشعوب هندية، ولم تستطع بودائعها التي تتجاوز عشرين ألف مليار دولار أن تقيم مشروعا تنمويا واحدا ناجحا بالمفهوم الحديث، ولا يزال بعضها يدار بميزانيات أقل من ميزانية تطبيق إلكتروني بقدر ما هي أدنى تأثير من ذلك التطبيق الإلكتروني، بل إنها لا تملك أي قرار سيادي "خارج الصندوق" محكم الإغلاق.

وإذنْ، كيف بموريتانيا مجهرية الكم البشري، مع اتساع جغرافي على البرّ والبحر؟

نلاحظ الآن تباكي الدول الأوروبية على مظلة الحماية الأمريكية التي رفعت سعرها. إن دولا نووية مثل بريطانيا وفرنسا تطالب ببقاء الحماية الأمريكية، ناهيك عن ألمانيا وبقية البلدان الأوروبية، لأن الحماية لا تعني مجرد سلاح، بل هي منظومة علمية اقتصادية وتقنية أيضا.

فأين هي البلدان المشابهة لموريتانيا؟

إن الدولة التي يتحكم في قراراتها المصيرية صغار أعوان الأمن الأجانب في السفارات الغربية المعتمدة لديها، ويقودون بشكل شبه علني تظاهراتها الحقوقية والانتخابية، والتي أصبحتْ تُعرف في أوساط نخبتها بعبارة "هي ماهي دولة"، جدير بمن يعنيه شأنها مراجعة جدّية مع الذات.

 

-16-

على أهل هذه الصحراء الاختيار بين الدولة وبين الأمة، ويجب عليهم فورًا اختيار الأمة دون تردّد، وإلا خسروا الدولة وخانوا الأمة.

أما اختيار الأمة فهو سهل إذ عليهم أن يقرّروا الوحدة الكونفدرالية مع المغرب والجزائر، أو من وافق عليها من البلدين. فلتكن هذه أرض مغربية تنمية واستثمارا وحماية. وبذلك يرجع الأصل إلى الأصل، ونحن الأصل تأسيسًا ومشروعية.

يبرز دائما الردّ بأن المغرب أو الجزائر سيبتلعان موريتانيا في حالة الوحدة. حسنًا، ولماذا لا نكون نحن من يبتلع وقتها وقد صار على مائدتنا ما يبتلع فعلاً دون خوف من غصّة!؟

أعجب للبيظان وتطيّرهم من شمالهم المغربي.

لأول مرّة أرى من أقام بنيانا كاملاً وملائما أو ساهم في بنائه مساهمة تأسيسية مركزية يتخلّص منه ويرفض حيازته.

إذا رأيت والدا يتخلى عن أولاده فاعلم أنّه لم يعد إنسانًا طبيعيا.

وللتاريخ، كان عدد معتبر من النخبة الصحراوية الموريتانية في خمسينيات القرن الماضي، قد سعا لعدم الانفصال عن الشمال، ومنهم من أدار عدداً من مؤسسات المملكة المغربية، بل من بينهم من كان سباقا لطرح فكرة المغرب العربي، والاتحاد المغاربي، الذي تراكمت رمال الصحراء على نعشه.

وعند العودة إلى الأدبيات الموريتانية في تلك الفترة، كان خوف الصحراويين أو "البيظان" هو من الوقوع تحت النفوذ والهيمنة، في تجاهل مرعب لحقيقة من يهيمن على من ومن يتنفذ على من؟ لماذا لا يخاف الأشقاء من نفوذكم ومن هيمنتكم؟ ما هذه العقلية الانكماشية الانهزامية؟ ما هذا الاقصاء الذاتي؟

إنّ المرقّعات الاستعمارية قصيرة النظر لا يمكن أن يطول بها العمر، وهناك حلّ وحيد، علينا أن نتجرأ عليه، وإمّا أن نتجرأ عليهِ أو نتقبل الانتحار الحضاري، إما أن نقبل على الوحدة طوق نجاة وترياق تنمية وتقدّم، أو نتقبل الانكسار، فقد وصل مستوى الانحناء إلى المجهول حدّا مُخيفا.

والحق أن كثيرا من الذين عارضوا الوحدة مع المملكة المغربية في الخمسينات والستينات بما في ذلك بعض ممن سيؤسسون لاحقا البوليساريو لم يكونوا يعارضون الوحدة نفسها بل آلياتها. وأدبياتهم المعروفة بما فيها شعاراتهم المعلنة تكفي لإثبات أنهم كانوا متحمسين للوحدة المغربية والمغاربية والعربية، ولكن كان لديهم موقف سياسي من نظام المملكة حينها بل كان لدى عدد من أبرز قياداتهم لاسيما من ذوي الثقافة السياسية "اليسارية" حينها موقف من النظام الملكي أو السلطاني نفسه، ولم تزد سنوات الرصاص وسياقها ذلك الموقف إلا راديكالية. ولكن هم كانوا في سياق سياسي محلي وإقليمي وعالمي متفهم ومعروف ونحن في سياق آخر مختلف إلى حد كبير. ولربما لو عاشوا سياقنا لكان لهم موقف آخر. "تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ ۖ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ ۖ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ".

أمام الصحراويين فرصة حقيقية لكتابة التاريخ مرّة أخرى. هي العودة المجيدة لما أسّسوه. وبذلك يكتبون التاريخ دون أن يتحوّل إلى سجل لنعيهم.

إن احتفاظنا بحدود الاستعمار هو احتفاظ بالخنجر المسموم الذي يفصل أعضاء جسمنا عن بعضها.

الصورة الخاطئة عن وهم الاستقلال كارثة ذهنية، وهي إرجاء مهين لمصالح "الدولة الأمّة".

وإنّ هذه الدعوة للقيادات الصحراوية بتنظيم "غزي لركاب" جديد على خطى السابقينَ، وإلا ما هو البديل أمام ديمغرافيا تتغير، وهويّة تتراجع؟

ما من أحد اليوم يفتخر بأنهُ كان مسؤولا في "دولة زنجبار"، التي كانت عام 1963 دولة عربية مستقلة، والتي قضتْ عليها ظروف مشابهة، قضى عليها المسلسل الذي تُوّج بأبشع المجازر والمذابح ليفهم آخر سلاطينها "جمشيد بن عبد الله" أنّ بلده المعروف بمملكة عطر العود لن يشم منها بعد ذلك غير رائحة الدماء والجراح المتقيحة.

من سيفتخر غدا بكونه كان زعيما لهذا الحيّ الريفيّ المتخلف، والذي ستتقاسمه لا قدّر الله الميلشيات المجنونة وتجار المخدرات وحركات التدين الأجوف المدفوعة بشبق الدم؟

ليس للسيد "جمشيد" ذنب في تجاهل النخبة الزنجبارية لحتميات التاريخ والجغرافيا طيلة العقود التي سبقته، ليتحول لحن جوقة الشرف التي تعزف لتسلمه الحكم إلى لحن جنائزي على مأتم الدولة وإلى الأبد، إذْ تحولتْ إلى إقليم ملحق بتنزانيا، وملوثّ بدمِ شعبهِ. وهذا يذكرنا دائما بأنَّ وجود الشيطان سبق وجود آدم.

بدلا من فضاء يتقاسمه غداً أمراء الحرب ولصوصها، وذهاب البلد هباءً، لم لا تسجل القيادات نفسها ضمن أبطال الوحدة، فتحكم المغرب الكبير أو ما تيسر منه، فتختار الكلّ على الجزء، والأمّة على القبيلة، فيخلدها المجد إلى الأبد، وتصبح لازمة في أناشيد الأجيال، بدلا من قبْر تدوسه أقدام المهاجرين وتلعنه أدبياتهم!؟

اليوم إن أردتم امتلاك مبادرتكم التاريخية مازلتم تستطيعون أن تتوحدوا مع من شئتم، أما غدا فلن تستطيعوا، لن تكونوا سوى مجموعة من اللاجئين عند غيركم أو حتى لاجئين في بلدكم.

لماذا لا نستعيد قود المبادرة التي كانت للشيخ ماء العينين وابنه الهيبة التي جعلتْه ينتقم من فرنسا حين ضغطتْ على السلطان مولاي عبد الحفيظ لترغمه على التنازل عن العرش ليعلن الهيبة الشيخ ماء العينين نفسه سلطانا على كل المغرب الأقصى بما فيه موريتانيا؟ هل ادعى أحد أن هذه ليست أرض الهيبة الشيخ ماء العينين وأنه لا يحقّ له أن يكون سلطانا عليها، وهو القادم من الحوضِ؟ لقد اضطرتْ فرنسا أن تغير جزءاً من سياستها في المنطقة بناء على ذلك الموقف. ولاحِقاً في الستينات قال الجنرال ديغول وهو يحيل إلى مشروع الهيبة الشيخ ماء العينين إن الحسن الثاني يحنّ إلى ما قبل 1912.

ماذا سيبقى من الصحراويين أوْ لَـهُم في كل المغارب والصحارى والسواحل إذا ضاعت "خيمتهم" الكبيرة موريتانيا وأمسك المغامرون بركيزتيها وأوتادها وأطنابها؟

لقد فشل الصحراويون أو البيظان في تحقيق "الدولة"، لكن يمكنهم النجاح بسهولة، إن أرادوا، في تحقيق الأمة. يمكن لموريتانيا ومعها كل الصحراويين فرض كونفدرالية مع الجزائر والمغرب، ومن الصعب على البلدين رفض هذا المقترح التاريخي، الذي هو الحل السحري للبحث عن منفذ أطلسي أو "واد للرمل" نحو البرّ الإفريقي.

منذ الرئيس المختار ولد داداه ظلّ كبار مسؤولي الدولة يردون على صوت الوحدة القادم من الشمال بعبارة "نحن الأصل وأنتم الفرع". حسنا، لماذا تتخلون عن فرعكم، عمّا أسسّتموه، عن أرضكم وتاريخكم وتراثكم؟ ومدنكم وقراكم ودياركم وصوامع زرعكم ومناهل مائكم؟

 

-17-

إن الغربان لا تحلّق بأجنحة الملائكةِ؛ بيد أنّ هناك الآن ما يدعو للتأمّل فيما لم يُتَأَمَّلُ فيهِ من شأن الأخوةِ في هذا الوادي الرمليّ الذي لا يزمزم فيهِ المستقبل تحت أقدام الوليد.

حيثما كانت هناك جماجم ساكنة، تحوّلتْ إلى كهوف، والخروج من كهف الانتظار هو أوّل رهان على الفوز وعلى التوفيق أيضا.

إنّ الجغرافيا التي تحملُ فائضًا من التّاريخ؛ لا يليق بها أن تفصَّل على ملامح حجر قابيل، بل تحتاج إلى "حجر لقمان".

في أفق التحديات التي تطرح لموريتانيا ولكل الصحراويين، في أفق الزمن المعلّق حيث يعيش بعضنا منذ عقود في مخيمات تندوف ومخيمات أزواد والنعمة بل وفي مخيمات نواكشوط ونواذيبو أو ما يشبه المخيمات بلْ فيما هو أشدّ وطأة على الكرامة الإنسانية من مخيمات الضياع والانتظار الذي ملّ نفسه، هناك احتمالان لا ثالث لهما: إما الوحدة مع المغرب والجزائر أو مع أحدهما إن لم يكن مع الدول المغربية المغاربية مجتمعة وإما "الصوملة" ومشتقاتها.

الخيار من الآن وليسَ من الغد، بحكم الكم الهائل من عوامل الاضمحلال التي تتعاور البلد ومجتمعه. لم يعد من احتمال لكسب المعركة خارج السياق الزمنيّ الضيق، سياق "الوقت بدل الضائع"!

علينا الدعوة بشكل صريح للوحدة مع عمقنا المغربي، عودة الأصل هي الفعل الفصل. وليس هذا بتعبير حالم، وإنما نريد القول: إما أن نفتح أعيننا لتحقيق الحلم أو نغمض أعيننا ليتحقّق الكابوس.

لا تنتظروا معجزة تأتي لتنقذكم من التقسيم والتفكك. إما أن تفعلوا أو أن يُفعل بكم. إما أن تأخذوا زمام مبادرة التاريخ أو أن تخرجوا من التاريخ.

لنصارح أنفسنا إن موريتانيا التي خطّط لها كزافييه كبولاني ومنافسوه من مغامري سينلوي، إن موريتانيا التي خطط لها قبله الجنرال أفيدرب والجنرال أدغار دترانتيان، وخطّطَ لها بعده الجنرال غورو وبيير مسمير وجاك فوكار ليستْ فقط مشروعًا فاشلاً بل إن الذين خططوا لها كتبوا بصريح عباراتهم في رسائلهم ووثائقهم المتوفرة حاليا أنها مشروع دولة مؤقت مصيرها الفشل، وأنه مشروع انتقالي تحتاجه الإمبراطورية الفرنسية حينها بغض النظر عن مصالح ورغبة وطموح أهل البلد أنفسهم.

إن موريتانيا مشروع فرنسي فاشل ككثير من دول المنطقة، كانت فرنسا هي ضامنه وقد دقّت ساعة انهياره مع تقهقرها هي وانهيارها وتراجع دورها في العالم وفي منطقتنا بالخصوص.

نحن شعب عظيم صنع تاريخيا عظيماً ولا يمكنُ ولا يجوز ربط تاريخنا بمشروع فرنسيّ أو إسباني صغير مؤقت وفاشل، جوهره الفشل حتى من وجهة نظر الذين خطّطوا له.

إما أن نكون دولة بطموح المرابطين والموحدين أو لا نكون. إما أن نكون دولة المغرب الواحدة، دولة المغرب الكبير، أو دولة المغرب الأقصى والأوسط والأدنى المتحدة أو على الأقل دولة المغرب الأقصى بكامل فضاءاتها التاريخية أو لا نكون. إما أن نكون دولة المغرب الواحدة أو نكون مجموعة من اللاجئين يتشفى كلّ متشفٍّ فيمن بقي منّا على قيد الحياة. إما أن نكون أو لا نكون.

ولهذا، فإنَّ لي الشرف أن أعلن عن هذه الدعوة إلى الوحدة بدل الاندثار، وإلى كسر حالة الصمت التي باتت تسود بين المثقفين الذين تحول كثير منهم إلى مستسلم لتمجيد الدولة القطرية، وإلى ساجد لوثنها، وناثر لعطرها المشؤوم.

إن المغرب والجزائر بلدي وبلدكم وبلد أجدادي وجداتي وأجدادكم وجداتكم، ومن الظلم أن أقصّر طموحي اليوم عن ما كان يبلغه بالأمس القريب مرعى جمال أبي. كيف أتنازل عن وحدة أو عن أرض بلاد أجدادي وجداتي، بلاد أعمامي وأخوالي وعماتي وخالاتي، ليس فيهما موطئ ألم أو أمل إلا ولأجدادي وجداتي وآبائي وأمهاتي معه تاريخ ملحمي وذكريات وذاكرة ومستقبل وعهد لي ولإخوتي ولأخواتي ولأولادي وبناتي وأحفادي وحفيداتي. لهم ولهن علي دين ووصية، لهم ولهن مصير هو مصيري ومصيركم. أو بحروف مالك ابن الريب القانية:

"فمنهنّ أمي وابنتايَ وخالتي

وباكيةٌ أخرى تهيجُ البواكيا

وما كان عهدُ الرمل عندي وأهلِهِ

ذميماً ولا ودّعتُ بالرمل قالِيا".

 

مواد ذات صلة:

 

هذا بيان لسكان هذه الصحراء/ المختار السّـالم (11 و12 و13 و14 من 17)

هذا بيان لسكان هذه الصحراء/ المختار السّـالم (8 و9 و10 من 17)

هذا بيان لسكان هذه الصحراء/ المختار السّـالم (5 و6 و7 من 17)

هذا بيان لسكان هذه الصحراء/ المختار السّـالم (3 من 17)

هذا بيان لسكان هذه الصحراء/ المختار السّـالم (1 من 17)

هذا بيان لسكان هذه الصحراء/ المختار السّـالم (2 من 17)