إعلانات

نشطاء المسلمين الأميركيين يوضحون موقف الإسلام من "المثلية الجنسية"

أحد, 28/05/2023 - 20:21

 

محمد المنشاوي

 

 

واشنطن- يتعرض مسلمو الولايات المتحدة لضغوط اجتماعية تواجهها العديد من الجماعات الدينية الكبرى داخل أميركا وتتعلق بكيفية التوفيق بين التعاليم الدينية، وتحديات الظواهر الاجتماعية المغايرة، والتي أصبحت تتطور وتلقى في حالات كثيرة قبولا مجتمعيا أوسع مع مرور الوقت.

وتعد الهويات والعلاقات الجنسية على رأس هذه الظواهر التي أصبحت تلقى قبولا اجتماعيا وقانونيا أوسع، توج بترويج كبير على يد إدارة الرئيس جو بايدن.

وتشهد الولايات المتحدة صداما أيديولوجيا حادا بين التيارات المحافظة والمتدينة القريبة من الحزب الجمهوري، وبين التيارات التقدمية الليبرالية القريبة من الحزب الديمقراطي.

وأصبحت الخلافات المتعلقة بالهويات إحدى أهم القضايا التي تشغل بال ملايين العائلات الأميركية في ظل دفع كل طرف بأجندة متطرفة يريد فرضها على الجميع. ووجد مسلمو أميركا أنفسهم وسط معركة مجتمعية لا تبدو لها أي نهاية في المستقبل القريب.

ومنذ إلغاء المحكمة العليا للولايات المتحدة جميع حالات الحظر على زواج مثليين جنسيا عام 2015، وإجازته في جميع الولايات الـ50، وطلبت من كل الولايات الاعتراف بتراخيص زواج المثليين من خارج الولايات، أصبحت قضايا الهويات الجنسية إحدى أهم القضايا التي تسبب خلافات حادة واستقطابا بين الأميركيين.

ولم يكن هناك موقف محدد معروف لملايين المسلمين الأميركيين من هذه القضايا، في الوقت ذاته لا يُعرف على وجه اليقين أعداد المسلمين في الولايات المتحدة، حيث تمنع القوانين الأميركية جمع معلومات الانتماء الديني في تعدادها العام الرسمي، لكن تقديرات الخبراء تشير إلى أن نسبة المسلمين تتراوح بين 1% و2% من إجمالي سكان الولايات المتحدة البالغ عددهم 333 مليون نسمة، أي بين 3.3 ملايين و6.6 ملايين نسمة، وينتشر المسلمون في كل الولايات الأميركية التي تخطى عدد المساجد بها 2800 مسجد.

 

من هنا جاء إصدار عشرات العلماء والنشطاء والخطباء المسلمين بيانا يوضح موقف التعاليم الدينية الإسلامية من هذه التحديات، مع التأكيد على الحق في التعبير بحرية عن معتقداتهم الدينية، والاعتراف في الوقت نفسه بالالتزام الدستوري بالعيش بسلام مع أولئك الذين تختلف معتقداتهم عن معتقداتنا، ليدشن لحقبة جديدة في مواجهة هذا التحدي لملايين العائلات المسلمة.

وجاء عنوان البيان "اختلاف وجهات النظر: توضيح حول الأخلاق الجنسية والجندرية في الإسلام" شاملا يعرض من خلاله موقف التعاليم الإسلامية من قضية الممارسات والهويات الجنسية.

معضلة المدارس والمكتبات الحكومية

تدفع التيارات التقدمية بقوة في العديد من الولايات للترويج لقيم تركز على إبراز طبيعية مجتمع المثليين بين تلاميذ المدارس من خلال التشريعات واللوائح، التي يصل بعضها لإعطاء الأطفال الحق في تحديد هويتهم الجنسية أو تغييرها بعيدا عما كانت عليه عند ميلادهم.

وتتجاهل هذه اللوائح في بعض الحالات موافقة الوالدين، وتقوض مثل هذه السياسات قدرة الآباء المسلمين على تعليم أطفالهم الأخلاقيات الجنسية القائمة على أسس دينية، وتنتهك حقهم الدستوري في ممارسة شعائرهم الدينية بحرية، وتساهم في خلق جو من التعصب تجاه المجتمعات الدينية.

كما تضم العديد من المكتبات العامة، خاصة في الولايات الليبرالية الخاضعة لحكم الديمقراطيين، الكثير من الكتب المروجة لضرورة الاعتراف بالهويات الجنسية الأخرى المتعددة بجانب الرجل والمرأة. وتروج بعض هذه الكتب لشخصيات تنتمي لمجتمع المثليين، أو تظهرها في صورة أبطال، أو صورة ضحية مظلومة.

ودفع ذلك برون ديسانتيس حاكم ولاية فلوريدا، على سبيل المثال لا الحصر، إلى منع الكثير من هذه الممارسات داخل مدارس ومكتبات ولايته، كما أنه حظر قدوم أي ممثلين لمجتمع المثليين جنسيا للتحدث أمام تلاميذ المدارس الابتدائية، وهي سياسات دعمتها الأغلبية العظمى من سكان الولاية.

 

التحرك وإن جاء متأخرا

وأوضح البيان أن التعاليم الدينية الإسلامية تسمح بالعلاقات الجنسية في إطار الزواج فقط، ولا يتم الزواج إلا بين الرجل والمرأة، كما أوضح البيان أن التعاليم الإسلامية تُدين صراحة العلاقات الجنسية مع الجنس نفسه، كما أن البشر يتكونون فقط من ذكور وإناث، وأن الرجال والنساء متساوون روحيا أمام الله، حتى وإن كان لكل منهما خصائص وأدوار مختلفة.

كما أشار البيان إلى أن التعاليم الإسلامية تستنكر صراحة تقليد مظهر الجنس الآخر، وكقاعدة عامة، يحظر الإسلام بشدة الإجراءات الطبية التي تهدف إلى تغيير جنس الأفراد الأصحاء، بغض النظر عما إذا كانت هذه الإجراءات تسمى "تثبيت" أو "تأكيد". وفي حالات نادرة تتعلق ببعض الأفراد المولودين في حالة غموض بيولوجي، مثل اضطرابات النمو الجنسي، يسمح الإسلام لهم بالتماس الرعاية الطبية لأسباب تصحيحية.

ضغوط لن تتوقف

خلال السنوات الأخيرة، أعادت بعض الجماعات الدينية تفسير ومراجعة عقائدها الدينية لتستوعب أيديولوجية مجتمع المثليين. إلا أن البيان أكد أن محاولات البعض إعادة تفسير النصوص الإسلامية لصالح تأكيد المثلية الجنسية مرفوض رفضا تاما وكاملا.

وأكد البيان على الرفض، "وبشكل قاطع مثل هذه الجهود لا يمكن الدفاع عنها دينيا لأنها تعارض المبادئ غير القابلة للتغيير، وبالتالي لا تخضع للمراجعة".

 

حقنا الدستوري في التمسك بآرائنا

وأشار البيان إلى إدراك الموقعين عليه أنه سيؤدي للتصادم مع أهداف أنصار "مجتمع الميم" (المثليين جنسيا)، من هنا أكد البيان على "الاعتراف بحقهم الدستوري في العيش في سلام من غير إيذاء". لكن بالمقابل، شدد على أهمية "حقوقنا الدستورية التي وهبنا إياها الله في التمسك بمعتقداتنا الدينية والعيش بها ونشرها بأفضل طريقة دون خوف من الانتقام القانوني أو التهميش المنهجي، موضحا أن التعايش السلمي لا يستلزم الموافقة أو القبول بما ترفضه التعاليم الدينية.

ودعا البيان السلطات إلى "حماية حقنا الدستوري في ممارسة معتقداتنا الدينية بحرية دون خوف من المضايقات، ومعارضة أي تشريع يسعى إلى خنق الحريات الدينية للمجتمعات الدينية".

وأشار الشيخ عمر سليمان، وهو خطيب أميركي شهير من أصول فلسطينية ويترأس معهد يقين للأبحاث الإسلامية، إلى أن هذا البيان لن يعارضه أحد لأنه يعكس التعاليم الراسخة في القرآن والسنة والتقاليد الإسلامية. وأشار الشيح سليمان إلى ضرورة "أن نكون قادرين على التعايش السلمي دون أن نضطر إلى التخلي عن مبادئنا".

المصدر : الجزيرة